هل يستجيب محمد بن سلمان لمطالب ترامب باستثمار تريليون دولار؟

 

هبة بريس- عيد اللطيف بركة

تتجدد ملامح التحالف بين الولايات المتحدة والسعودية مع عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، ليعيد معه طموحات اقتصادية كبيرة ومطالب سياسية مثيرة للجدل. تصريحات ترامب الأخيرة في المنتدى الاقتصادي العالمي بدافوس تسلط الضوء على رؤيته لتعزيز الاستثمارات السعودية في الولايات المتحدة، مطالبًا بزيادة حجم الاستثمارات المعلنة سابقًا من 600 مليار دولار إلى تريليون دولار، وهو رقم يثير تساؤلات حول إمكانية تحقيقه وأهدافه الخفية.

رؤية اقتصادية أم لعبة سياسية؟

من الواضح أن ترامب يضع رهانات كبيرة على العلاقات الاقتصادية مع السعودية كجزء من استراتيجيته لإعادة تعزيز الاقتصاد الأمريكي. دعوته لولي العهد السعودي محمد بن سلمان لزيادة حجم الاستثمارات تحمل دلالات تتجاوز الاقتصاد، حيث تربط بين قضايا التجارة والطاقة من جهة، والمصالح السياسية من جهة أخرى، لا سيما ما يتعلق بدوره في خفض أسعار النفط وتأثير ذلك على الصراع الروسي-الأوكراني.

ترامب أشار بوضوح إلى أن خفض أسعار النفط يمكن أن يسهم في إنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا، ملمحًا إلى الدور المحوري للسعودية في أسواق الطاقة العالمية. لكنه أيضًا لا يخفي مصلحته المباشرة في تعزيز فرص العمل والنمو الاقتصادي داخل الولايات المتحدة، مستندًا إلى الصفقات السابقة التي أبرمتها إدارته مع الرياض.

هل تستجيب السعودية؟

ولي العهد السعودي أكد في مكالمته مع ترامب رغبة المملكة في توسيع استثماراتها في الولايات المتحدة، لكن التفاصيل حول كيفية تحقيق ذلك تبقى غامضة. فالإعلان عن استثمارات بقيمة 600 مليار دولار يمثل بالفعل التزامًا كبيرًا، يعادل أكثر من نصف الناتج المحلي الإجمالي للمملكة. السؤال المطروح الآن: هل تمتلك السعودية الموارد والرؤية اللازمة لتلبية طلب ترامب بمضاعفة هذا الرقم؟

الأبعاد الجيوسياسية

مطالب ترامب لم تقتصر على الاقتصاد، بل تضمنت تلميحات واضحة لتطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل كهدف رئيسي في سياسته الخارجية. هنا تبرز تعقيدات إضافية، حيث تواجه المملكة تحديات داخلية وإقليمية تجعل اتخاذ قرارات بهذا الحجم أكثر حساسية.

كما أن مسألة خفض أسعار النفط تتعارض مع أولويات منظمة أوبك التي تسعى إلى تحقيق توازن في الأسواق وضمان استقرار الإيرادات النفطية للدول الأعضاء.

تحالف أم ضغط؟

علاقة الرياض وواشنطن خلال ولاية ترامب الأولى شهدت تعاونًا غير مسبوق، لكن عودة ترامب للرئاسة تعني أيضًا عودة الضغوط الأمريكية للحصول على تنازلات اقتصادية وسياسية أكبر. تصريحات ترامب الأخيرة قد تعكس رغبة في بناء شراكة اقتصادية استراتيجية، لكنها أيضًا تحمل ملامح الضغط السياسي والابتزاز الاقتصادي الذي اعتاد استخدامه مع حلفائه.

سواء استجابت السعودية لطلب ترامب أم لا، يبقى واضحًا أن العلاقة بين البلدين تمر بمرحلة جديدة من التفاوض والتحديات. السعودية تسعى لتعزيز مكانتها كقوة اقتصادية إقليمية ودولية، بينما يبحث ترامب عن مكاسب سياسية واقتصادية تعزز شعبيته في الداخل. القرار النهائي سيعتمد على توازن المصالح وقدرة الطرفين على تحقيق أهدافهما دون الإضرار بعلاقتهما الاستراتيجية.

قراءة الخبر من المصدر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى