
وفاة أستاذة أرفود.. حين يُغتال النور على يد الظلام
هبة بريس – عبد اللطيف بركة
في صباح حزين اليوم الأحد، استيقظت مدينة أرفود على نبأ لم تحتمله القلوب قبل الآذان، الأستاذة رحمة، سيدة العطاء والوجه البشوش في معهد التكوين المهني، قد فارقت الحياة بعد صراع مؤلم مع جراح لم تكن من صنع القدر، بل من يد طالب علم والذي كان من المفترض أن يتلقى النور، لا أن يطفئه.
رحلت رحمة، واسمها لا يحمل من القدر سوى نقيضه، رحلت بعد أن لفظت أنفاسها الأخيرة في مستشفى الحسن الثاني بفاس، حيث كانت ترقد منذ 27 مارس، التاريخ الذي دُوِّن فيه أول سطر من هذه المأساة، اعتداء همجي في وضح النهار، سلاح أبيض، وضربة غادرة أنهت حياة معلمة لم تعرف غير الصبر والتفاني.
في الشارع العام، وسط المارة، وبين أنفاس رمضان وروحانيته، ترنّح الجسد المثقل بجراحه، وسقطت الأستاذة ضحية تربية اختل ميزانها، وضحية مجتمع يئنّ تحت وطأة العنف المتصاعد، لم يكن المجرم، سوى طالب في ربيع عمره، لم يرَ في معلمته سوى هدف للانتقام… انتقام من ماذا؟ من التوجيه؟ من القيم؟ من حدودٍ لم تعد تُحترم في بيوت أُفرغت من دفء الحنان والسلطة الأبوية؟.
لا تزال التحقيقات جارية، لكن الحقيقة الأوضح من أي تقرير هي أن الجرح أكبر من أن يُشفى بمرور الوقت، إننا أمام ظاهرة خطيرة، حيث تحوّل العنف من جدران البيوت إلى ساحات المؤسسات التعليمية، وبدأنا نشهد، بمرارة، تعنيف الأساتذة كما يُعنَّف الآباء والأمهات في بيوتهم، إنها انتكاسة تربوية وأخلاقية تنذر بانهيار منظومة كاملة.
سُجن الجاني، وقد تُضاف إلى ملفه تهم جديدة بعد وفاة الأستاذة، لكن هل السجن سيكفي؟ هل يكفي كعقوبة في زمن صرنا نحاسب فيه الضحية بدل أن نحميها؟ هل سيعيد شيئًا من الكرامة لجسد نزف حتى الموت تحت عنوان: “المعلم عدو”؟
بكت أرفود معلماتها، وانكفأ زملاؤها على ألمهم، ووقف تلامذتها مذهولين، يسألون أنفسهم: من التالي؟ من يحمي من يعلّمنا؟ وهل أصبحت المدرسة ساحة معركة لا منارة علم؟
رحم الله رحمة… وغفر لنا جميعًا تقصيرنا في حفظ مقام من يحملون طبشورة الأمل في زمنٍ ينزف فيه الضمير.
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على WhatsApp
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على Telegram
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على X