تسلطانت… “أغنى” جماعة في مراكش تُخفي تحت رداء الاستثمار تهميشاً وفوارق صارخة(صور)

ريبورتاج ميداني – محمد الهروالي

على بُعد دقائق قليلة من ساحة جامع الفنا الشهيرة، تتربع جماعة تسلطانت، واحدة من أكبر الجماعات المحيطة بمدينة مراكش، ورغم وصفها خلال الحملة الانتخابية من طرف عمدة المدينة ووزيرة إعداد التراب الوطني بـ”أغنى جماعة ترابية” في جهة مراكش آسفي، إلا أن الواقع الميداني يرسم صورة مغايرة تماما شعارها ” غنى على الورق، وفقر واضح على الأرض”.

– استثمارات بملايين الدراهم… وساكنة تبحث عن الماء والصرف الصحي

تحتضن تسلطانت مشاريع ضخمة بملايين الدراهم، منها ملاعب كولف عالمية، إقامات فاخرة، منتجعات سياحية، مركبات تجارية، ومطاعم راقية، غير أن هذه المنشآت الفاخرة تبدو كجزر معزولة عن المحيط الذي توجد فيه، فخارج أسوارها، تنكشف مظاهر الإهمال ضمنها أزقة محفّرة، غياب شبه تام لشبكة الصرف الصحي، نقص حاد في الماء الصالح للشرب، وخصاص مهول في المؤسسات التعليمية والصحية، خصوصاً في دواوير مثل السراغنة، الهنا، سيدي مبارك، النزالة، وزمران، التي تحولت إلى بؤر للتهميش والجريمة.

– أين تذهب مداخيل الجماعة؟

هذا التناقض الصارخ يدفع الساكنة إلى تساؤل مشروع هو كم تُدر هذه المشاريع من عائدات مالية على ميزانية الجماعة؟ وأين تُصرف؟ ولماذا لا تنعكس هذه الموارد الضخمة على تحسين مستوى عيش سكانها ؟.

يقول أحد السكان في دوار السراغنة في تصريح ل ” هبة بريس ” : “عندنا كل شي فالأوراق، ولكن الواقع كيقول شي حاجة خرا….المشاريع كاينة، ولكن التنمية ما بإيناش للناس “.

– مطرح عشوائي يمتد على 220 هكتاراً… البيئة تدفع الثمن

من أبرز مظاهر الفوضى البيئية بالمنطقة، وجود مطرح ضخم وعشوائي للأتربة والنفايات يمتد على مساحة تفوق 220 هكتاراً، هذا الفضاء المشوّه يُستغل بشكل غير قانوني، في غياب الرقابة والمحاسبة، ما يطرح علامات استفهام حول الجهات المستفيدة، والسبب وراء تجاهل إمكانية تأهيله وتحويله إلى مشروع بيئي يخدم الساكنة.

– الازدواجية الفاضحة…

في تسلطانت، يبدو التفاوت صارخاً حد الألم، هناك أطفال يقطعون الكيلومترات يومياً وسط الأوحال للوصول إلى مدارس متهالكة، بينما تتلألأ مدارس دولية خاصة داخل الإقامات الفاخرة، في الجانب نفسه هناك أسر تُعاني من العطش، بينما تُروى مساحات شاسعة من ملاعب الكولف بالمياه المعالجة.

– مطالب الساكنة…ربط الثروة بالتنمية

أمام هذا الواقع، تطالب الساكنة، مدعومة بجمعيات المجتمع المدني، بعدد من المطالب من ضمنها ما هو مستعجل كفتح تحقيق شفاف في مداخيل الجماعة وتوجيهها نحو تنمية حقيقية، وضمان استفادة السكان من المشاريع المقامة فوق أراضيهم، إلى جانب تأهيل المطرح العشوائي وتحويله إلى مشروع بيئي مفيد، مع تحسين البنية التحتية، وتوفير الماء، شبكة الصرف الصحي، والمدارس العمومية.

– تسلطانت… صورة مصغرة للفوارق المجالية

ليست تسلطانت جماعة فقيرة، بل جماعة غنية تم تهميشها، و هي تعكس اشكالية الفوارق المجالية ، حيث تتجاور الثروة مع الحرمان، وتبقى التنمية رهينة لإرادة سياسية وعدالة مجالية حقيقية، تُنصف الإنسان قبل أن تُزين العقار.

تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على WhatsApp
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على Telegram
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على X